مصر بعد 25 يناير: 30 يونيو وشبح العنف

الأحد، 30 يونيو 2013

30 يونيو وشبح العنف

30 يونيو وشبح العنف
أنس زكي-القاهرة

في هدوء أشرقت شمس الثلاثين من يونيو/حزيران، اليوم الذي يستعد له منذ أسابيع قطاعان من المصريين أحدهما معارض للرئيس محمد مرسي والآخر مؤيد له، وبينهما ومعهما ترقب قطاع كبير من السكان هذا اليوم بكثير من القلق والخوف من اندلاع محتمل للعنف بين الجانبين.

الهدوء الذي بدا سمة لبداية اليوم لا ينبئ بالضرورة عن آخره، فالمظاهرات الحاشدة التي دعت إليها المعارضة للمطالبة بإسقاط الرئيس لا يتوقع أن تبدأ إلا قبيل المساء خصوصا مع حرارة الصيف التي تضيف عنصرا إضافيا للاختلاف عن ما كان عليه الحال في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك بعد 18 يوما من انطلاقها.

النبرة العالية من المعارضة والإصرار على إسقاط أول رئيس مدني منتخب، وفي مقابلها تشبث السلطة ومؤيديها بمواقفهم كانت نقطة البداية في إثارة القلق، لكن الخوف الحقيقي تجلى في الأيام القليلة الماضية بعدما شهد العديد من المدن المصرية مواجهات بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه راح ضحيتها عدد من القتلى فضلا عن مئات المصابين.

ورغم حرص الجانبين على تكرار شعارات السلمية ونبذ العنف والتمسك بها، فإن التصريحات حوت أيضا غير ذلك، فأنصار الرئيس يؤكدون أن المعارضين ما هم إلا قلة من الثوار والغاضبين تختلط بهم كثرة من البلطجية وفلول النظام السابق، في حين أن المعارضين يؤكدون أن الأنصار هم من يستعدون لإشعال العنف من أجل إفساد 'الثورة' المنتظرة.

تمرد وتجرد
ولم تبد المعارضة على مدى الأسابيع الماضية أي قبول بالحلول الوسط، ورفضت كل المبادرات، بل وحرصت على التأكيد المسبق على أنها لن تقبل أي تنازلات يمكن أن تصدر عن السلطة، معتبرة أن الوقت قد فات، وأن خيارها الوحيد هو إسقاط الرئيس والدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأن الرئيس فقد شرعيته بعد أن جمعت حملة 'تمرد' نحو 22 مليون توقيع تطالب برحيله.

ومن جانبهم فإن الأنصار يصرون على التشبث بشرعية الرئيس ويؤكدون أن لا طريقة لرحيله إلا الطريقة التي جاء بها وهي صناديق الاقتراع، ولا يعدمون ردا على توقيعات حملة تمرد فهي في نظرهم غير شرعية وغير دقيقة، ومن باب الاحتياط فلو كان الأمر بالتوقيعات فإن حملة تجرد المؤيدة للرئيس جمعت هي الأخرى عددا مقاربا من التوقيعات، هكذا يؤكدون.

وشهد اليومان الماضيان تصعيدا متبادلا غذى مخاوف العنف، فبينما كان أنصار الرئيس يتجمعون في ميدان رابعة العدوية شرقي القاهرة الجمعة لاستعراض قوتهم وقدرتهم على الحشد، كان المعارضون يهاجمون مقار لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة في عدة مدن، مما أدى إلى إحراق عدة مقار فضلا عن اشتباكات راح ضحيتها قتلى ومصابون.

الماء والدم
وفي الأثناء كان أنصار الرئيس يوجهون الرسالة تلو الأخرى بأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي، وتوالت التأكيدات من القيادي بالإخوان محمد البلتاجي 'لن نسمح بالانقلاب على مرسي ولو على رقابنا'، ومن الداعية صفوت حجازي 'اللي يرش مرسي بالمياه نرشه بالدم' ومن القيادي في الجماعة الإسلامية عاصم عبد الماجد 'لن نترك الخونة، ولا بد أن يوضعوا تحت المقصلة'، وفي الخلفية كانت الجموع ترسل رسالة أخرى مفادها أنه 'لو سقط مرسي فلن يستمر أي رئيس من بعده'.

وعشية اليوم الموعود، حرص القياديان بالمعارضة محمد البرادعي وحمدين صباحي على قرن دعوتهما للمصريين بالتظاهر ضد الرئيس بالتأكيد على أهمية الطابع السلمي وحرمة الدم المصري، لكن الجانب الآخر لم يبد اقتناعا بجدية هذا الطرح، ودلل على ذلك بعدم صدور إدانة صريحة من قيادات جبهة الإنقاذ المعارضة أو حملة تمرد لما حدث من حرق لمقار الإخوان وحزبهم فضلا عن قتل عدد من المصريين.

وبين تصريحات الجانبين زاد الهلع لدى المصريين خصوصا البسطاء منهم، وتحول الأمر إلى حالة عامة فأعلنت كثير من جهات العمل الحكومية والخاصة عن إغلاق أبوابها تحسبا، وقال كثير ممن تحدثوا للجزيرة نت إنهم سيحاولون تجنب مغادرة منازلهم إلا للضرورة، معربين عن خشيتهم من أن يكون البسطاء هم ضحية العنف.

وبعد أن كان الحديث السائد في الأيام الماضية يدور في معظمه عن التحزّب لهذا الطرف أو ذاك، فإن الساعات الماضية شهدت ما يشبه حالة من الهلع إزاء العنف المحتمل ونتائجه السلبية على الجميع، وهو ما يتضمن -حسبما قال لنا أحد المواطنين- رسالة للفرقاء بأن المصريين لن يتسامحوا أبدا مع من يتسبب في إشعال عنف قد يأكل الأخضر واليابس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة